العوامل-المؤثرة-في-تصميم-الحديقة

العوامل المؤثرة في تصميم الحديقة

54

يجب على المصمم أخذ العوامل التالية في الاعتبار، فإن لها تأثيرًا كبيرًا على تصميم الحديقة:

1) طراز المباني

لا بد أن يتوافق طراز الحديقة مع طراز المباني ويكون متممًا له، وذلك من أجل تحقيق التناسب والوحدة والارتباط في الصورة الكاملة، فمثلًا في منطقة الأقصر التي يسود فيها الجو الفرعوني يجب تصميم الحدائق على الطراز المصري القديم، وكذلك يجب أن يتم تصميم الحدائق على الطراز الأندلسي في المناطق القريبة من الآثار الإسلامية، وهكذا، ومن الأمور الهامة أيضًا وجود تناسب بين مساحة الحديقة وبين حجم المنشأة أو المبنى (سواء كان المبنى مصلحة حكومية أو مدرسة أو مستشفى أو غير ذلك).

2) العادات والتقاليد

تأثر فن تنسيق الحدائق وتطور بفضل تأثيرات المدينة الحديثة على الإنسان ومعيشته، ومن أهم تأثيرات المدينة الحديثة على فن تصميم الحدائق أنه أصبح يجمع بين توفير الراحة والرفاهية والانتفاع وبين البساطة في آن واحد، وبرغم ذلك فما زال تصميم بعض الحدائق متأثرًا بالتقاليد الموروثة لدى الشعوب، حيث يظهر هذا التأثير في بعض الخصائص التي تتماشى مع تلك الموروثات.

فعلى سبيل المثال من التقاليد التي يعتز بها اليابانيون حتى الآن وجود حديقة الشاي أو ما يعرف بـ (ركن الشاي)، والذي يعتبره اليابانيون شعارًا لقوميتهم، ومن تقاليد الشعوب الشرقية أنهم يفضلون أن تكون أماكن الجلوس لديهم معزولة عن الأنظار عزلًا تامًا، وبالتالي فإن الحدائق لديهم تتميز بأنها مقفلة وذات أسوار عالية من النباتات الكثيفة، ولذلك فإنهم يستخدمون نباتات خاصة للأسوار مثل الكافور والسرو والكازورينا.

3) الحالة الاجتماعية

مع تطور الحالة الاجتماعية للشعوب حدث تطور لفن تنسيق الحدائق، فمع تقدم الحضارة وارتفاع المستوى المعيشي للفرد وتحسن قدرة الفرد على العناية بحديقته، ارتقى فن تنسيق الحدائق، كما أن ميول أفراد العائلة وهواياتهم وأعمارهم تعتبر من العوامل المؤثرة على تصميم الحديقة.

أما تصميم الحدائق العامة فهو يرتبط ارتباطاً وثيقًا بالمستوى الاجتماعي للحي، حيث يكثر وضع أحواض الزهور في الأحياء الراقية والمناطق التجارية، في حين أن الأحياء الشعبية يقل الاهتمام فيها بوضع أحواض الزهور، حتى لا تتعرض للعبث والإفساد من سكان تلك المناطق الشعبية، وبدلًا من تلك الأحواض يزداد الاهتمام في المناطق الشعبية بزراعة الأشجار والشجيرات المزهرة والمسطحات الخضراء، والتي يسهل قصها وتشكيلها.

4) المناظر المحيطة بالحديقة

يراعى الربط بين المناطق الجميلة المحيطة بالحديقة في التنسيق، من أجل الاستمتاع بمنظر هذه المناطق، والعكس إذا كانت المناطق المحيطة بالحدائق غير جذابة، ففي هذه الحالة يراعى حجبها في التصميم، كما يتم اللجوء لزراعة ساتر كثيف من الأشجار والشجيرات في الجهات القريبة من الشارع أو الأماكن العامة كثيرة الضوضاء.

5) الغرض من إنشاء الحديقة

يتأثر تصميم الحديقة بالغرض الأساسي من إنشاء هذه الحديقة، فعلى سبيل المثال يراعى في التصميم توفير أماكن مظللة للجلوس على جوانب الطرق والمشايات وفي أطراف الحديقة، إذا كانت الحديقة عامة أو حديقة تابعة لأحد المرافق، ويراعى أيضًا في تلك الحدائق زيادة الأشجار والشجيرات (فردية أو في مجموعات)، وزيادة المساحات الخضراء، فعلى سبيل المثال يجب توفير أماكن مظللة للجلوس في حدائق المستشفيات، مع مراعاة عدم زراعة أشجار عالية حتى لا تحجب الشمس عن نوافذ غرف المستشفى، كما يجب توفير الشعور بالسكون والهدوء.

ويختلف الأمر بالنسبة للحدائق الخاصة فهي تخضع لرغبة مالكها وأفراد أسرته، ويترك لهم اتخاذ القرار في عزل الحديقة عن الجيران وفي تحديد الأماكن المخصصة للجلوس، كما قد يؤثر أيضًا وقت إقامة الأسرة في المنزل على تصميم الحديقة، فبعض الأسر إقامتها في المنزل موسمية أو إقامة كاملة طوال العام، فلكل منهما تصميم مختلف.

6) تكاليف الإنشاء ومصاريف الصيانة

يجب معرفة الميزانية المخصصة لتصميم الحديقة قبل البدء بالتصميم، وذلك من أجل تصميمها بشكل مرضي دون أن يتوقف التصميم لعدم وجود المال الكافي، ولا بد كذلك من الإلمام بالبرنامج المخصص لصيانة الحديقة، وذلك لأن الحديقة تحتاج إلى فترة طويلة من العناية والاهتمام بالنباتات حتى الوصول إلى الشكل النهائي المرغوب، وقد تصل هذه الفترة إلى (2 – 3) سنوات، وحتى بعد اكتمال نمو النباتات فإن الصيانة تظل ضرورية للحفاظ على جمالها.

وكذلك لا بد من توفر المصاريف اللازمة للإنفاق على الحديقة، ويجب أن يكون لدى المالك استعدادًا لذلك، وأيضًا يجب الإلمام بمدى استعداد الأسرة للعناية بها كهواية، أو بتوفير مختص للقيام بذلك، سواء بتوفير عامل متفرغ للحديقة بشكل كامل، أو عامل مؤقت ليمر بها كل فترة لإتمام أعمال الصيانة.

جميع هذه العوامل من الضروري أن يضعها المصمم في اعتباره قبل وضع تصميم الحديقة، فقد يضطر إلى اللجوء لتقليل أعمال الصيانة اللازمة للحديقة في حالة عدم توفر الميزانية التي تسمح بالإنفاق على برنامج صيانة متكامل، ويكون ذلك باللجوء إلى اختيار النباتات التي لا تتطلب القص الكثير، وتقليل أحواض الزهور الحولية واستبدالها بالأشجار أو الشجيرات المزهرة المستديمة، وكذلك يراعى تجنب عمل الزخارف الهندسية.

وللسياج يراعى اختيار النباتات التي تنمو بمعدل بطيء ولا تتطلب القص على فترات متقاربة، كما يراعى زيادة المساحات الخضراء لعدم احتياجها للكثير من العناية، وأيضًا قد يساعد زيادة المنشآت الصناعية في تقليل أعمال الصيانة اللازمة، فيتم بناء مقاعد وبرجولات ومزاول وتماثيل وغير ذلك، ويتم رصف الطرق بعناية، وتستخدم بردورات لتحل محل عملية الحدية.

7) الظروف البيئية لمكان الحديقة

يراعى في تصميم الحديقة أيضًا النظر إلى الجهات الأصلية لموقع الحديقة، واتجاه الرياح وشدتها، وكذلك يتم الأخذ في الاعتبار درجة الحرارة والرطوبة والضوء في المنطقة، كما ينبغي التعرف على نوع التربة ودرجة استوائها، وقياس مدى صلاحيتها للزراعة.

وهذه العوامل البيئية لا تؤثر على تصميم الحديقة فحسب، بل إنها ضرورية أيضًا لتحديد أنواع النباتات التي يمكن زراعتها وفقًا للظروف البيئية وموقع الحديقة، ومما لا شك فيه أن اختيار النباتات المناسبة يعد من الأسس الضرورية لنجاح الحديقة ونضارتها وجمالها المستقبلي.